يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، أي: إمتثلوا ما أمركم الله به وما أمركم به رسوله من فعل الطاعات وترك المحرمات، ولا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي، فهذا نهي عن كل سبب يوصل إلى بطلان الأعمال الصالحة، فإن الإنسان قد يعمل أعمالًا صالحة تتوفر فيها أسباب الصحة، لكنه يسلط عليها ما يبطلها من أقوال وأعمال سيئة، فالصدقة يبطلها المن والأذى، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} [البقرة:264].
والكلام المحرَّم قد يُبطل العمل، فقد يتكلم الإنسان بكلمة سيئة تحبط عمله، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «أن رجلًا قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عزّ وجلّ من ذا الذي يتألَّى -أي يحلف- علي أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك»، قال أبو هريرة رضي الله عنه: تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبيَّن فيها يزلُّ بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب».
والكلام المحرَّم يدخل فيه الشرك والقول على الله بلا علم، وشهادة الزور، والسحر والقذف، والكذب، والغيبة، والنميمة، وكلها آفات خطيرة قد تهلك الحسنات، لأن مظالم العباد يقتص لها يوم القيامة من أعمال الظالم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن البني صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كانت عده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء، فليتحلَّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح، أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه، فحمل عليه» رواه البخاري.
والحسد من أعظم الآفات التي تقضي على الأعمال الصالحة، فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال العشب».
فحافظوا على أعمالكم مما يفسدها من الأعمال والأقوال السيئة، أو يحول نفعها إلى غيركم ويحرمكم منها من أصحاب المظالم الذين تتعدون عليهم في أموالهم ودمائهم وأعراضهم، فإنهم لابد أن يقتصوا يوم القيامة من حسناتكم إذا لم تؤدوا إليهم حقوقهم في الدنيا أو تستحلوهم منها.
الكاتب: صالح الفوزان.
المصدر: شبكة مسلمات.